طلبة مهنا .. موسوعة شعبية للقصائد المغناة

[روح التميمي]

طلبة مهنا .. موسوعة شعبية للقصائد المغناة

قبل عدة أشهر أهداني أحد الأصدقاء الأوفياء كتابا من جزأين , عنوانه في الجزء الأول

(مجموعة طلبة مهنا من النصوص الأصلية للشعر الشعبي المغنى) وعنوانه في الثاني

(قصائد طلبة مهنا ـ شعر شعبي) .. ويبدو أن المعد الأستاذ محمد بن إبراهيم الهزاع

(من أبناء عنيزة) تنبه لطول العنوان في الأول فاختصره في الثاني ..

والحق أن الكتاب موسوعة شعرية ضخمة جديرة بالاقتناء لما حوته من توثيق نادر لكثير

من القصائد المغناة .. ومن يطلع على الكتاب يدرك أمرين : الأول خبرة المعد وسعة اطلاعه

والثاني الجهود الضخمة التي بُذلت في جمع المادة ..

وأتصور أن العنوان جنى على الكتاب , فهو شاعري , لا يدركه إلا متذوق مطلع ..

ولا يعرفه إلا من يعرف (طلبة مهنا) ماهي .. ناهيك عن احتياجه إلى شيء من التوضيح

العنوان رائع جدا من الناحية الأدبية , لكنه ـ في تقديري ـ فاشل من الناحية التسويقية !

ويؤخذ على المعد أنه لم يشرح التسمية إلا في الجزء الثاني , حيث قال "إن المقصود

بـ (طلبة مهنا) هو المعنى المراد والتفسير العملي للمثل الشعبي الذي يقول

(جاك يا مهنا ماتمنى) بمعنى أن هذا ما تطلبه وما تتمناه من قصائد شعبية مغناة .

ثم غن لكل غنسان أماني وطلبات متعددة , وفي مجالات مختلفة ( و(طلبة) مفردة معروفة

في الوسط الشعبي , حتى قيل : مايطلبه المستمعون وما يطبه المشاهدون , وكما يقول

البعض لإخوانهم (لي طلبة عندك) وهكذا . وأما (مهنا) فهو رمز شعبي مثل سعد وعلي ,

ويقصد به الجميع , ولا يعني شخص بذاته" ا. هـ

قال روح التميمي : و(طلبة) بكسر الطاء , مصدر طلب في العامية .. و(مهنا) في المثل الشعبي

أظنه أمير بريدة الشهير مهنا الصالح أبالخيل , وللمثل قصة لا تحضرني الآن ..

والحق أن الكتاب مهم ومفيد وأزعم أنه أثرى المكتبة في مجال القصائد النبطية الجميلة

وقد حقق الأهداف التي رسمها المعد .. يقول : "ويطيب لي أن أذكر الهدف من هذا الكتاب

(طلبة مهنا) , وهو يتمثل في عدد من النقاط , منها :

1ـ إظهار النص الأصلي للأغنية الشعبية , والاعتناء به من خلال كتاب متخصص في هذا النوع

من الشعر , يجمع شواردها ويلم شعثها ..

2ـ في إيراد النص الأصلي للقصيدة وهو ما اطمح إليه في هذا الكتاب , براءة للشاعر الذي قد تكون

قصيدته حرّفت أو أخلفت أو اختصرت او اختلطت مع قصيدة أخرى أثناء تناولها وتداولها بين المغنين .

3ـ إبراد القصيدة كاملة خدمة لمن استمع لجزء منها وأعجب بها , حيث إن أغلب المطربين

لا يقدمون النص بشكل كامل , وخصوصا القصائد الطويلة . . . إلخ "

كما جاء في الإهداء تحديد أكثر لغاية الكتاب فقد أهدى المعد الكتاب

"إلى محبي الفن الشعبي الجميل ..

إلى متذوقي الشعر الشعبي الأصيل ..

إلى من يهمهم الحفاظ على تراثنا بكل أنواعه أشكاله .. أقدم هذه المجموعة "

وواضح من هذه الأهداف وغيرها أن غاية المعد توثيقية وتنظيمية وإمتاعية .. وقد ذكر في مقدمة

الجزء الأول أيضا أن سبب إقدامه على تنفيذ هذا المشروع الضخم هو انزعاجه من أحد المغنين

عندما كان يغني قصيدة شهيرة بشكل سيء .. فعزم على البحث والتقصي عن أصول الأغاني

الشعبية التي تمر به ..

وقد ضم الكتاب في جزأيه 226 قصيدة مغناة , 99 قصيدة في الجزء الأول , 127

قصيدة في الثاني .. وقد بوّب المعد الكتاب في خمسة فصول , هي :

الفصل الأول ـ الألفيات المغناة

الفصل الثاني ـ مراثي مغناة

الفصل الثالث ـ قصائد خاصة مغناة

الفصل الرابع ـ قصائد قديمة مغناة

الفصل الخامس ـ قصائد حديثة مغناة

وهذه الفصول هي عناوين الكتاب في كل جزء , فالعنوان واحد والمحتوى مختلف .. وقدم لكل فصل

من هذه الفصول بتمهيد يهدف إلى التعريف بالمقصود بالعنوان ..

وقد اشتملت تلك المقدمات على معلومات مهمة ومفيدة ..

وجدير بالذكر الإشارة إلى أن المعد ذكر أنه سيصدر جزءا خاصا للتعريف بشعراء القصائد

المغناةالمذكورة في الكتاب , ولا شك في أن هذه الإضافة إن تمت ستخدم الكتاب ,

وتفيد القارىء ومنهج المعد يقوم على إيراد القصيدة كاملة موثقة , وذكر شاعرها ,

والتعريف به في الهامش تعريفا مختصرا عند ورود اسمه لأول مرة . كما يحدد اسم الفنان

أو الفنانين الذين غنوا القصيدة , كما يذكر ـ في بعض الأحيان ـ تاريخ غنائها ..

ويشرح بعض مفرداتها الغامضة ..

هذه لمحة سريعة حول هذا الكتاب الذي يمثل مرجعا مهما لهذا النوع من التراث الشعبي ..

فهو كتاب أدب قبل أن يكون مرجعا فنيا .. وإذا عرفنا أن المغنين الجيدين لا يغنون إلا القصائد

الجيدة أدركنا مدى جودة القصائد التي حواها الكتاب , ومعظمها عاطفية , إما غزلية أو رثائية ..

أظن أن الكتاب يصلح أن يكون رفيقا لكل مهموم , وهو خير رفيق لهواة (الكشتات) ,

وللمسافرين ولكل من يحتاج إلى ترويح نفسي .. ففيه نصوص أدبية رفيعة المستوى ,

وقراءته تفتح على الروح نافذة تهب منها نسائم الذكريات العطرة .. والمرء مشدود إلى ماضيه !

وأعترف أنني بحكم اهتمامي الشديد بمسألة التوثيق .. استفدت كثيرا من جهود المعد ..

طلبة مهنا .. كتاب جدير حقا بالاقتناء .. وأرجو أن يواصل المعد جهوده حتى يتمه ..

لأنه فريد في بابه .. ومعده متذوق ومتابع وذو ثقافة واسعة في هذا المجال .. قبل أن يكون

جامعا وقد استطاع أن يصل إلى قائلي كثير من القصائد الذين ظلوا مجهولين لا يعرفون ..

والفن الشعبي بحر متلاطم , وأذواق مختلفة لا يحيط بها المرء ولو أراد .. لكن الأستاذ

محمد الهزاع , أثبت أنه خبير بكل اتجاهات هذا الفن , ويعرف معظم الذين غنوا على العود

قصائد نبطية .. وهذا شيء مذهل حقا , ومثير لإعجاب جدا .. ومما يزيدنا فخرا وشرفا

أن تصدر هذه الموسوعة الضخمة في عاصمة الشعر النبطي , وعاصمة الفن الشعبي

عنيزة الغالية ..

فشكرا للأستاذ محمد بن إبراهيم الهزاع على جهوده الكبيرة في توثيق القصائد المغناة ..

وللجميع تحياتي