شعراء عنيزة - العاشق القتيل محمد الفيحاني

العاشق القتيل محمد الفيحاني

نسبه واسرته
هو محمد بن قاسم بن محمد بن عبدالوهاب بن محمد بن ناصر الفيحاني
من فخذ الفياحين من بني عمر من سبيع القبيله النجديه المعروفه
هاجرت اسرته من نجد وسكنت قطر والبحرين
وكان جده من ابرز تجار الؤلؤ وكان وكيلا لأمير قطر الشيخ قاسم بن ثاني

نشأته :
ولد شاعرنا في بلده الفويرط شمال قطر سنه 1325ه ما يقارب 1907م ووالدته من آل بوكواره ودرس وتعلم مبائ العلوم ثم عشق التاريخ والادب العربي وقبل على قراءته حتى ابحر فيه وبدأ اقرانه يأخذون هذا العلم عنه
وكان ينظم الشعر النبطي ولكنه لا يقرؤه إلا على القليل من اصدقائه المقربين ولكن جاءه ما يذيع شعره ويجعل ألسنه الناس تتناقله في جميع انحاء الخليج
وكان له يوم موعود مع الحب والغرام فتاه حسناء تجوب البراري وتتهادى في مشيتها كالقطاة عيناها كعيني الريم , عشقها وأحبها غايه الحب , بدا ينظم شعر الغزل تولع بها ولم يطق فراقها وتقدم لخطبتها وكله امل بالموافقه وكيف لا وهو الشاب والشاعر المثقف الغني الخلوق وكيف لا وهو ابن الاسرة الوجيهه المرموقه ولكن حدث مالم يكن بالحسبان وكان الرد الصارم الصادم :: عذرا البنت محجرة لابن عمها
وضاقت به الارض بما رحبت ولم يجد له انيساً إلا الشعر يبث فيه شكواه وآلام وجدانه وهمومه واحزانه

رحيل معشوقته

وبينما هو على هذه الحال إذ راعه خبر رحيل محبوبته عن ديارها وعندما وصل المكان وجده خالي ودمعت عيناه وقال قصيدة الدار

عمن ترحل سالي الدار يا عين
............. استعلميها وانشدي يا حزينه
قولي هلك يا دار منك غدوا وين
.............. من بك وقف ينشدك ما تخبرينه
هل نرتجيهم هم على الارض حيين
............... لو هم مع من في المقابر دفينه
قالت حشا ماهم تحت الارض فانين
................. امس الضحى عنى غدوا بالظعينه
يومك تراهم يا محمد مقفّين
................. عنّك ولا عشرتك زاهدينه
راحو وهم يا ولد قاسم معيفين
............... ما اظنهم لك بالوصل منتوينه
حيث انهم حماسي و زعلين
................ نياتهم راحت وهي مستشينه
قلت اسكتي من ذا الخبر بس تكفين
................ يا دار نقضتي جروحٍ دفينه
أبكي على لاماه حتى تذوبين
................ يمكن تروف قلوبهم يا فطينه
.................................................. .........
بعد فرقها عافت نفسه الطعام حتى نحل جسمه وهزل بدنه ووهنت عظامه فقال قصيدته التي مزجت بين الآلام والعتاب والرجاء والتى شدا بها الفنان حجاب بن نحيت

شبعنا من عناهم وارتوينا .......... وعند رسوم منزلهم بكينا
وعفب فراقهم شنا وحنا ............ وحنينا وثم إنّا عوينا
ونادينا وقلنا خبروهم ............... ترانامن محبتهم نعينا
واثرنا من مفارقهم نحلنا ......... وكان فراقهم طول فنينا
إلي جيتوا منازلهم فقولوا ......... لهم بأقوالنا يا راحلينا
ولا تنسون ما قاله محمد ............. أمانتكم لها يا حاملينا
ترانا للذي قالوا سمعنا ............. وباللي هم بغوا منا رضينا
وكل شروطهم نقدم عليها ............. قدمنا بالذي فنوا علينا
وترانا عن مخالفهم رجعنا ......... وهوّنا عقب ما حن عصينا

ويمضي بها الي ان يقول ::

وهذا الحب بالزفرات يشوي ........ ألا يا ويلكم يا عاشقينا
يلين من المحبه كل قاسي .......... ولو قلبه حجر يازي طحينا
وانا من حر فراقاهم عليهم .............تعلمت النياحه والحنينا
أرى راعي الهوى مازال يلعي .......ولو تحت الثرى يلعي دفينا
تحملنا الهوى حتى هلكنا ............ ولولا الحب ما والله لعينا
ولا نحنا ولا صحنا وقلنا ......... لكم يا اهل المودة خاضعينا
ولا قمنا نسال الوصل منهم ........ وحنا ولا نبالي اللي عطينا

والقصيدة اطول من ذلك

وتمادت الحال بشاعرنا واشتدت آلامه واحزانه وظل ينظم القصائد ويبعث بها الي الشخصيات المرموقه في عصره وخاصه الشيخ حمد بن عيسى الخليفه حاكم البحرين على أمل ان يتوسط عند ابناء عمومه محبوبته (مي) ليسمحوا له بالزواج منها ولكن دون جدوى
واختار هذة الابيات من قصيدة طويله مليئه باليأس

قصت حبالك من عقب وصلها مي
........... واستبعدت من عقب ما هي قريبه
ومن المحبه ما بقى عندها شي
............. صارت عقب ذيك الصداقه حريبه

الي ان قال

قالت ربوعك وينهم قلت ما شي
........... قالت بلى وين الذي تعتزيبه
قلت الذي تعنينهم ذبوا الطي
........... واللي تحريته بهم صار خيبه
تعذروني يا حمامه بلا شي
........... يوم استمت حبلي وشفت الغليبه
خلوني الخلان واستعذر الخي
...........اللي ذخرته للخطوب الصعيبه
واللي نخيته عقبهم صابه اللي
........... يا عونة الله وين من نلتويبه

وفاته :

وبعد شهور من زواج مي شحب لونه كثيرا وغامت عيناه من فرط الارهاق والسهر وهاجمه المرض وفي هدوء سافر الي البحرين دون ان يعلم احد به وعند وصوله ذهب الي مستشفى الارساليه الامريكيه بالمنامه وعندما اشتد عليه المرض غاب عن الوعي (غيبوبه) وبعد فترة استيقظ فجأة ونظر الي من حوله وكان يبدو وكأنه استرد كل صحته وفي هذة اللحظه تذكر مي وطلب ورقه وقلم وكتب آخر قصائدة وهو على فراش الموت وعنوانها (مذبوح الوريد)
وهذا ما رواه اخيه عبدالوهاب بن قاسم الفيحاني الذي كان برفقة الشاعر في المستشفى

ما سمح قلبي يروح ولا يرى
..... زول محبوبه ولو هو من بعيد
آه وا ويلاه يا ليته درى
........ كيف حبه في حشا روحي يزيد
أو درى إني منه قد حالي برى
...... ذايبٍ بالي عقب ما هو حديد
وإن من الابعاد موحي المقبرى
....... يحفرونه لي وموقن بالوعيد
يالزيمي قـول لــلي يحفرا
....... يوسع الملحد علشان اللحيد
ويحجز بيني وما بين الثرى
....... عن عظام ٍ ناحلاتٍ كالجريد
حط من فوق القبر حتى يرى
......... بنيتين كالنصايب له شهيد
يعرفون القبر من جاء ينظرا
........ يعرفونه قبر مذبوح الوديد
قبر من صان المودة وسترا
........ قبر من لا خان عهد للعهيد
تم عامين ٍ بجوفي ينسرا
...... نسر ملهوف الضواري في المصيد
كود ليمن جاه علمي يذكرا
........ وانعتوا قبري لمعلوقي وكيد
يأتي لقبري ويذكر ما جرى
..... يوم انا ويـاه بالدنيـــا عضيد
والقصيدة اطول من ذلك
توفى عام 1357هـ ما يقارب 1939م
عن عمر لا يتجاوز 32عاما وانتهت قصه الشاعر المعذب محمد بن قاسم الفيحاني رحمه الله وسكنه فسيح جناته

( من عشق فعف فكتم فمات فهو شهيد ) والله اعلم

جمع واعداد وترتيب : سيد العذارى